الدعوة إلى "أسلمة المعرفة"
إنّ "أسلمةَ المعرفةِ" هو مشروعٌ طوّرَتهُ مجموعةٌ من المثقّفين الّذين يدّعون أنّهم مدركون للأزمة الّتي يعيشها العالم ذو الأغلبيّة المسلمة. ويسعون إلى تبنّي طرقٍ تدعو إلى قراءة جديدة للإسلام وتدخِلُ وجهاتِ نظرٍ منهجيّةٍ أخرى. وتصبو هذه المجموعة إلى صياغة "الفكر الإسلاميّ" صياغة جديدة مستلهمين القيم الكونيّة الواردة في الإسلام. ويريد أعضاء هذه المجموعة التوفيق في دراساتهم بين التاريخ والثقافة الإسلاميّة وكذلك الثقافات والعلوم المعاصرة. وبكلامٍ آخر، يريدون، في مواجهة الأزمة القائمة بالنسبة إليهم على مشكلةٍ "معرفيّة"، اقتراح توليفةٍ جديدة لجميع المعارف ولكنّ في إطارٍ علوميّ إسلاميّ. وما يبرّر نهجهم هي ظاهرة مزدوجة يصفونها ويعتبرونها سلبيّة ألا وهي: أنّ المعارف العلميّة من الدائرة المرجعيّة الإسلاميّة أدّى إلى علمنة الرؤيةِ العلميّةِ للعالم الحديث؛ ويستبعِدُ المفكّرونَ الّذين ينتمون إلى حركة العلمانيّة في الوقت نفسِهِ "الّله" والمرجعيّة الإسلاميّة.
عند منعطف خمسينيّات وستيّنيات القرن العشرين، وبَعْدَ أنّ تلقّى تعليمَهُ الجامعيّ في الولايات المتّحدة، يقترِحُ أسلمة الأشكال الموجودة لـ"لمعرفة الغربيّة" ويشدّد على "القيم الإنسانيّة" ولا يهتمّ إلاّ بشكلٍ ثانويّ بالنتائج العلميّة بحدّ ذاتها. ويتعلّق الأمر بالنسبة إليه، بتبيان أنّ طُرق المناهج والمنهجيّات تستطيع إخفاءَ رهاناتٍ ومشاكِلَ فلسفيّة عميقة كلّ العمق. ونقطة إنطلاق الصياغة الجديدة لـ"الفكر الإسلاميّ" هي "المعتقدات الإسلاميّة والإنسانيّة" الّتي تعتبر عالميّة، ومبادئ الإسلام الحضاريّة الّتي ترتكز على التوحيد[1] و"الإنابة" ينبغي فيها أن يتطابق العقل و "قوانين الكون الإلهيّة". ويهدف المخطّط إلى تحقيق أهداف « الشريعة »
، وتعني إعلاء شأنِ رفاهيّة النّاس، وتقوم على حفظ « الدين »
، و« النفس »
، و« العقل »
، و« النّسل »
و« المال »
. ويتمحور حول المعرفة، والتوفيق والرفاهيّة. وتُبرِزُ الكتابات الأولى لأعضاء هذه الحركة حقولَ المعرفة الّتي اهتمّوا بها وهي: « النظريّة الإقتصاديّة الإسلاميّة: الفلسفة والوسائل المعاصرة »
منذ نصف قرن، يحاولُ أعضاءُ هذه المجموعة ومن يرجعُ إليها، إيجاد الأدوات الضروريّة لـ"تنقية" وتصفية "الثقافة الإسلاميّة" وإزالة "الإعوجاجات"، و"الخُرافات"، و"الشعوذات"، و"النجاسات"، و"الأوهام" الّتي تسلّلت إليه. ويريدون إنجازَ الأدوات التربويّة والثقافيّة الّتي بمقدورها دعم بنية المسلمين العقليّة والنفسيّة، وإعداد أجيال جديدة تمتلك القوّة، والقدرة والإنتاجيّة. ويأملون أن يصبِحَ مشروع "أسلمة المعرفة" وسيلةً تساعِدُ المسلمين على تخطّي حدود الغرب العلوميّة، وبالتّالي إعادة "أصالة" حضارتهم. وهذه هي الشروط الأساسيّة لصحوة الأمّة[3] « من أجل تفعيل طاقتها الكامنة وتمكينَها من وضع مشروعها الحضاريّ في خدمة الإنسانيّة. »
.
وتخدُمُ منظمّاتٌ عديدةٌ هدفهم هذا:
• تجمّع الطلّاب المسلمين، الّتي نشأت في الولايات المتّحدة في العام 1963.
• تجمّع العلوم الإجتماعيّة الإسلاميّة في الولايات المتّحدة وكندا في العام 1972.
• المعهد الدولي للفكر الإسلاميّ في العام 1981.
• مؤسّسة تنمية الطفل في العامّ 1999.
ولقد سمَحَ المعهد الدولي للفكر الإسلاميّ، مقرُّه في واشنطن والّذي يمتلك مكاتب في مختلف البلدان، بإنشاءِ المراكزَ ومؤسّساتٍ في العديدِ من البلدانِ، وبتنظيمِ المحاضرات، والندوات (ولقد عُقدت أهمّها في سويسرا سنة 1977) والمؤتمرات، وبنشرِ كتبٍ ودوريّاتٍ في الّلغة العربيّة والإنكليزيّة وفي لغّاتٍ أخرى. ولقد أُصدِرت مجلّة تحت عنوان أسلمة المعرفة. ولقد أُنجِزَ برنامج تجريبيّ في ماليزيا. ويرتبِطُ نجاح هذا المعهد بتطوير المشروع بشكلٍ واسع.