مقدمة
يسمح تقبل نظريات تشارلز داروين[1] (Charles Darwin) في فرنسا والمملكة المتحدة خلال نصف القرن الذي تلا نشرها بتبيان أنّ ما قد يبدو أحياناً مجابهةً بين مفاهيم لا يمكن التقريب بينها وبين معسكرين متعارضين كل التعارض هو في الواقع أكثر تعقيدا بكثير. وغالباً ما تشدد الأبحاث الحديثة العهد المتعلقة بهذا الموضوع والتي جرت خصوصاً في العالم الأنجلوسكسوني (راجع الفهرس) على هذا التشابك. وتتيح مقارنة فرنسا بالمملكة المتحدة الإتيان على ذكر تياراتٍ مسيحية عديدة ومنها الكثلكة ومختلف الكنائس البريطانية المخالفة[2] للأنجليكانية أو المنشقّة عنها. وسيتم التمييز بين حقبتين. فالأولى تتحدث عن داروين ونظريته وتركّز على معتقداته وعلى ما يتعارض تمام المعارضة والمعتقدات المسيحية آنذاك والواردة في كتاب أصل الأنواع (١٨٥٩) وعلى كيفية شيوع نظرية داروين لدى جمهورٍ واسع. وتطاول الثانية، انطلاقاً من أمثلة محددة، مختلف ردود الفعل التي تسببت بها نظرية داروين في الأوساط الدينية والكهنوتية والعلمانية.