طرق المواجهة
تتيح قضيّة غاليليو هذه التمييز بين طرق المواجهة المختلفة بين العلم والدين ( أو بين العلم والعلم). وهي طرق المواجهة الّتي يمكن توضيحها بالطريقة الآتية واستنادًا إلى ترسيمةٍ معيّنة: لنفترض أنّ"ع" هي اقتراحٌ علميّ يقوم على التجربة أو العقل « ('' أيّ أنّ كلّ حقيقة ماديّة عي نتيجة سببٍ ماديّ سابق") »
؛ ولنفترض أنّ "د" هي اقتراحٌ دينيّ يرتكز على نصٍّ يعتبرُهُ اليهود والمسيحيّون "مُنْزَل" « ( " انظُرْ يا ولدي إلى السّماء والأرض »
]...[ « فاعلم أنّ الّله صنع الجميع من العدَم") »
، المقابيس الثاني، الفصل 7، آية 28 ؛ ولنفترض أنّ "ت"هي تداخل الإقتراحين« ("أللكون بداية؟") »
. ولا تُطرحْ المشاكل إلا حيثُ هناك تعارض بين "العلم" و"الدين".
1 : لا تتعلّق "لفظة التداخل" بالميدان الخاصّ لـ"الدين"، إذًا "علميّ" ( غاليليو سنة 1615)
1': لا تتعلّق "لفظة التداخل" بالميدان الخاصّ لـ" العلم"، إذًا" دينيّ" ( غاليليو سنة 1615)
وقد اقترح غاليليو هذين الحلّين سنة 1615 في رسالته إلى كريستين دي لورين (Christine de Lorraine): وبالتّالي في ميدان "الخلاص" كعقيدة بعْث الأجساد، وينبغي لما قيل حول "الوحي" أنّ يفضّل (1')؛ ولكنّ في ما لا يتعلّق بـ"الخلاص" ينبغي إعطاء الأفضليّة للعقل (1).
2: "الدين" بارز جدًّا، إذًا يجب معالجة "العلم" كطرح.
هذا الحلّ اقترحهُ بيلارمين سنة 1616 واقترحه البابا أوربان الثّامن سنة 1624، والّذي خفّض قيمة نظام مركزيّة الشّمس مواجهةً مع "الخلاص" من خلال تقديم نموذج مهمّ لكنّ فرضيّ.
• 2': إنّ حجج "العلم" مقنعة، إذًا يجب معالجة "الدين" كإستعارة.
وتمّ تطبيق هذا الحلّ التقليديّ لا سيّما في الأقوال التوراتيّة الّتي تتعارض مع المفهوم الحرفيّ« ("المسيح هو الصخرة") »
(sein d'Abraham)، وهذا الحلّ هو الّذي قدّمه أيضًا غاليليو سنة 1632.
3: إنّ حجج "العلم" مقنعة، إذًا "الدين" غير صحيح.
هذا ما لام محقّقوا محكمة التفتيش غاليليو عليه: وبالتّالي، إذا ما دافع عن نظام مركزيّة الشّمس، يتعارض بقوّة مع النصّ التوراتيّ.
• 3': "الدين"بارز تمامًا، إذًا "العلم" غير صحيح.
هذا الحلّ اختارته محاكم التفتيش منذ سنة 1633، الّذي انتهى بمنع تدريس نظام مركزيّة الشّمس، انطلاقًا من النصّ التوراتيّ.
من بين هذه الحلول الستّة، يمكن إبراز ثلاث طرق مواجهةٍ:
1 و1' -عدم التعدّي- يتمّ الفصل بين ميادين تطبيق العلم والدين (أو بين نظريتين علميتين متباعدتين كالهندسة الأقليديّة[1] لوصف الفضاء الجزئيّ، والنظريّة النسبيّة[2] لوصف الفضاء الكليّ).
2 و2'- التعايش- نطلق على هذه الطريقة تسمية "الأداتيّة" أو "التقاليديّة"، بحسب السياق، قد يكون من المقبول استخدام أحد النموذجين كآداة من دون أن يكون ذلك حاسمًا بالنسبة إلى كلٍّ من النموذجين (ويتمّ استعمال نظريّة الأمواج[3] ونظريّة التجسيم[4] لشرح بعض ظواهر الضوء)
• 3 و 3'- الإقصاء- هما الحلّان "الواقعيان": لا يمكن أن يكون هناك إلّا واقعة وحقيقة واحدة؛ وهكذا تمّ تصوّر إختيار أحد النموذجين في قضيّةٍ معيّنة كرفضٍ كامل للنموذج الآخر (مثلًا، هذه هي حال المناقشات حولالجينة الأنانيّة[5]: أيّ أنّها الجينات أم الأفراد الّذين يحاولون فرض أنفُسِهِم في "التطوّر").