الأشكال التعبيرية لنظريات الدولة
تفيض النظريات السياسية، أولا وقبل كل شيء، عن السلطة المركزية. لقد عرفت هذه النظريات، في قشتالة، نموا في الانتاجات الكتابة المهمة تحت قيادة الملكية، والتي تناولت مجالات متنوعة : العلوم، الشعر، التاريخ وبخاصة القانون. ولقد شارك فيها ألفونسو العاشر شخصيا، موفدا تعليماته لفرق متخصصة. وضع مفهوما متطورا للدولة الملكية، مشبعة بالفلسفة الأرسطية القائمة على فكرة القوى الطبيعية. من جهته، لم يتكلم فيليب لوبيل في الموضوع مباشرة، فمن الصعوبة بمكان فهم عمق تفكيره السياسي. التمثلات الرمزية التي تصدر مباشرة عن الملكية، مثل الأختام فهي تشكل مصدرا أساسيا، مع أنها لا تعكس بإخلاص الحقيقة. إن المصادر المكتوبة والمهمة هي مدونات "أوردين" التي تحتوي الطقوس الاحتفالية المتعلقة بالشخصية الملكية، ولاسيما التتويج. بما أن "أوردو" سنة 1300 الذي طلبه فيليب لوبيل قد ضاع، علينا أن تقتصر على تحليل "أوردو" سنة 1250، الذي تمّ تأليفه أصلا خلال سنوات 1260.
إن الاحتكار الذي مارسه ألفونسو العاشر، داخل مملكته، على الانتاجات الكتابية لا يسمح لأصوات أخرى بالتعبير. وحدها العروض الفنية لها خطاب مستقل متوافق. على العكس من ذلك، فقد سمح فيليب لوبيل للكتاب الذين يوافقون ميولاته ممارسة الكتابة، بما فيهم بيير دوبوا وهو موظف قضائي معروف بإطنابه وغرابته. ولقد شجّع، خلف الكواليس، بعض القضاة أن يكتبوا التطلعات المثالية للمملكة، وهو ما قد إلى إنتاج مهم لكتابات مجهولة ما بين 1296 و1302، وذلك في ذروة النزاع مع بونيفاس الثاني. وحسب الحالات، فقد استعملت هذه الكتابات المجهولة كبالونات للاختبار أو لعملية الترهيب. استطاع اللاهوتيون مثل الدومينيكي جان دو باريس[1] تطوير ونشر نظريات سياسية مختلفة عن الكتابات الملكية. وهكذا عرفت فرنسا تنوعا كبيرا للمصادر، وكذلك تنوع مفاهيم الدولة.
ظل خطاب القوى المناهضة لتأسيس الدولة الملكية غير معروف. يمكن استقراء هذا الخطاب، في قشتالة، في الحوليات الرسمية اللاحق الصيغ القنصلية للطفل سانش. هذه الشذرات ليست كافية لإعادة بناء نظرية الدولة. إن المؤلفات الكثيرة التي تستهدف ملك فرنسا تمت كتابتها خارج المملكة، لاسيما في إيطاليا. وهي تدافع عن شمولية السلطة البابوية مستحضرة طابعا مناهضا للدولة، وذلك عبر حجج قد صيغت مذ فترة طويلة.