الفصل الثاني. طريقة الصلاة
هناك وسيلتين من أجل إدخال النفوس في حالة الصلاة، التي يمكننا وعلينا أن نستخدمهما لوقت وحدد. الأول هو التأمل،
والآخر هو القراءة التأملية.
1 . القراة التأملية ليست إلا الأخذ ببعض الحقائق القوية من أجل الاستقراء، أكان الأمر بالممارسة، مفضلين الآخيرة على
الأولى، وأن تتم القراءة بهذه الطريقة. ]…[
2 . ]الوسيلة[ الأخرى هي التأمل الذي يتم في الساعة المختارة لهذا الأمر وليست في وقت القراءة. أظن أنه من الأفضل أن
تؤخذ الأمور وفق هذه الطريقة. وبعد أن نضع أنفسنا في حضرة الله من خلال فعل إيمان حيّ، علينا أن نقرأ شيئًا مهمًا وأن
يتم التوقف عند هذا الشيء، ليس من أجل التفكّر به، بل من أجل تثبيت الروح، مع الملاحظة أن التمرين الأساسي إنما هو
أن نضع أنفسنا في حضرة الله، وأن الموضوع يجب أن يكون من أجل تثبيت الروح أكثر منه من أجل ممارسة تمرين التفكّر
]…[
3 . حين نجد أننا وصلنا إلى عمق عمق ذاتنا وأنه تمّ اختراقنا من الله عند هذا الحدّ من العمق، عندما تصبح كل حواسنا
منسحبة من أطرافنا لتصبح في وسطن كياننا )وهو أمر صعب بداية ولكنه يصبح أكثر يسرًا فيما بعد، كما أقول(، عندما،
أقول، أن النفس باتت منكمشة على نفسها، أنها تهتم بهدوء وبلذة الحقيقة المقروءة، ليس من خلال التفكر العالي كثيرًا بل من
خلال التلذذ، بما يثير الإرادة من خلال التأثّر أكثر من تطبيق التفهّم من خلال الاعتبار. حالة التأثّر هذه التي وصلت إلى
مرحلة من الاستشعار، علينا أن نتركها ترتاح بهدوء وبسلام، وذلك لكي تبلع ما تذوقته. تمامًا أن شخص ما لا يقوم إلا
بمضغ قطعة ممتازة من اللحم، فهو لا يتغذى منها، مهما كان طعمها، إلا أن تمّ التوقف عن حركة المضغ من أجل بلعها،
فالأمر نفسه ينطبق على النفس عندما تتأثّر: فإذا أردنا أن نحركها أكثر فإننا سنطفأ نارها، ما يفقد النفس غذاها. عليها أن
تبلع، من خلال قسط صغير من الراحة المحبة المليئة احترامًا وثقة بالنفس، ما كانت قد مضغته وتذوقته. هذه الطريقة
ضرورية جدًا وتساهم في دفع النفس إلى الأمام في وقت قليل أكثر من أي طريقة أخرى لأعوام عدة. ]…[
الفصل الثالث. لهؤلاء الذين لا يعرفون القراءة
لهؤلاء الذين لا يعرفون القراءة، لا تكونوا محرومين لهذا من الصلاة. إن يسوع المسيح هو الكتاب الأكبر، مكتوب من
الخارج من الداخل، وهو يعلمهم كل شيء.
على هؤلاء أن يمارسوا هذه الطريقة. أولا، عليهم أن يتعلموا حقيقة أساسية، وهي تقول بأن ملكوت الله هو في داخلهم، وأنه
هناك في هذا الداخل عليهم البحث عنه.
إن القساوسة عليهم تعليم أتباع رعاياهم كيفية القيام بالصلاة، كما يعلمونهم التعليم المسيحي. هم يعلمونهم الغاية التي خلقوا
لأجلها، وهم لا يعلمونهم كفاية التمتع بهذه الغاية. فليعلّموهم بهذه الطريقة.
يجب البدء بفعل تعبّد عميق وفعل إمّحاء تام أمام الله وهنا، من خلال إغلاق عيون الجسد، نفتح عيون النفس، ونوجهها نحو
الداخل، مع الاهتمام مباشرة بحضور الله من خلال الإيمان الحيّ بأن الله حاضر فينا، من دون أن نترك للقوى وللأحاسيس
الخارجية أن تأخذنا حيث تشاء، كما علينا أن نسيطر عليها بالحد الأكبر بما يمكننا من إخضاعها وعزلها ]…[