فولتیر: كلام في التسامح

قضیة كالاس (وھي خطأ قضائي تم بحق تاجر بروتستانتي من تولوز وكان ضحیة لھذا الخطأ العام 1762 ) عرفت
خاصة بسبب المداخلة الحیویة التي قدمھا فولتیر، الذي تحقق عن قرب من المسألة ونشر بھذا الخصوص في العام
1763 كتاباً حول التسامح. ھذا النص ھو عبارة عن كتیبّ صغیر یدین فیھ الظلم الذي مارسھ قاضیي تولوز، ومن
خلالھ ینطلق في دفاع شرس من اجل التسامح، الذي ھو الحمایة الوحیدة، بنظره، ضد العنف الدیني. في المقطع الذي
یلي، یرید فولتیر ان یؤسس الحق الإنساني على أساس الحق الطبیعي (الذي ھو وحده مشتركًا فیما بین الجمیع)،
ویذكّر، كما كاستیلیون قبل قرنین، بالقاعدة الذھبیة. وفي القسم ما قبل الاخیر من ھذا المقطع، ینظر فولتیر إلى كل
حضارات الشرق والغرب ویظھر كیف ان اللاتسامح لا یمكن أن یؤدي إلا إلى المجازر العبثیة.
إن القانون الطبیعي ھو القانون الذي تعطیھ الطبیعة لكل الناس. لقد ربیتم إبنكم، وھو یدیر لكم بالاحترام لأبیة، كما یدیر
بالاعتراف لمن احسن إلیھ. لدیكم الحق في منتوجات الأرض التي قمتم بحرثھا وزراعتھا بأیدیكم. أعطیتم وعدًا، وتلقیتم
وعدًا، علیكم أن تحافظوا على وعودكم.
الحق البشري لا یمكن ان یتأسس إلا على ھذا القانون الطبیعي؛ إن المبدأ الكوني العظیم لھذا ولذاك ھو موجود على كل
أرجاء ھذه الأرض: “لا تفعل لأحد ما لا ترید أن یفعلھ الآخر لك”. لا نرى كیف، وفق ھذا المبدأ، یمكن لأحد ان یقول
للآخر: “آمن بما أنا أؤمن بھ، والذي لا یمكن لك أن یؤمن بھ، أو سیتم معاقبتك”. ھذا ما نقولھ في البرتغال، وفي إسبانیا
وفي الغوا. نحن نكتفي في الوقت الحالي، في عدد من البلاد الأخرى، بالقول: “آمن وإلا سألعنك، آمن وإلا فعلت بك كل
أشكال السوء التي یمكن أن أوم بھا؛ أبھا الوحش، انت لیس لدیك دیني، وبالتالي انت بلا أي دین: یجب ان تكون نموذجًا
مرعباً لجیرانك، لمدینتك، لولایتك”.
إذا كان الحق الإنسان ان نتصرف كذلك، على الیاباني إذًا أن یكره الصیني، الذي یجب أن یضطھد السیامي؛ وھذا یجب أن
یلاحق الغانغارید، الذي یجب أن یھجموا على سكان الھندوس؛ المغولي یجب ان ینتزع قلب أول مالاباري یلتقي بھ، وھذا
یمكن لھ أن یقطع عنق الفارسي، الذي بإمكانھ ان یجزّر بالتركي، وكلھم یجب ان یھجموا على المسحیین، الذین لوقت طویل
اكلوا بعضھم البعض.
إن الحق باللاتسامح لھو عبثي وبربري: إنھ حق النمور، ولذلك ھو مرعب، لأن النمور لا یمزقون إلا لیأكلوا، اما نحن
.( البشر فنبید بعضنا بعضًا من اجل بعض المقاطع النصیة (المقطع 6، ص