مذكرات سان سيمون،بحسب إيميه ريتشار

إن العودة عن مرسوم نانت، من دون أية حجة ومن دون أية حاجة، وإطلاق العديد من القرارات والبيانات التي أتبعهذه
العودة، لهم ثمرة هذه المؤامرة المهولة التي أدت إلى تهجير ربع سكان المملكة منها، وهو الأمر الذي أدى إلى انهيار
التجارة، والذي أضعف البلاد في كلأجزائه، والذي جعل البلاد ضحية النهب العام، ومتروكا ً تحت رحمة تنانينه، والذي
سمحبحصول كل هذه الآلاموالتي أدت إلى موت الكثير من الأبرياء بالآلاف من كل الأجناس، والذي أدى إلىدمار شعب
بكامله،الذي مزق عالمًا من العائلات، الذي سلحأهالي ضد أهالي آخرين من أجلالسيطرة على ممتلكاتهم وتركهم
يموتون من الجوع؛ الذي أدى الى انتقال صناعنا إلى الدول الخارجية، ما أدى إلى ازدهار هذه البلدان على حساببلدنا،
هناك حيث تم بناء مدن جديدة لهم، وحيث أعطواالاهتمام بسبب أنهم شعب مضطهد، عار، لاجئ، شريد من دون أن
يقترف أي جريمة،يبحث عن ملجئ بعيدًا عن بلده الأم؛ الأمر الذيوضع العديد من الأغنياء والنبلاء والعجزة، والناس
الذين غالبًأ ما كانوا معتبرين لتقواهم، وعلمهم، وممارسة الفضيلة،كما وضع الكثير من الناس الميسورين والضعفاء
والمهمشين تحت رحمة اللجنة، لا لسبب إلا الديانة؛ بالنهاية،ولتكتمل الفظائع، تم ملئولايات المملكة بحالات الكفر
والخيانة،حيثالكل شعر بصرخات هؤلاء البؤساء ضحايا هذا الإرهاب، في وقت كان فيه عدد آخر من الناس يضحي
بضميرهليحافظ على شيء من ممتلكاته وراحته، فيشتري هذه وذاكمن خلال نبذ ديانته، بحيث تم اقتيادهم وإجبارهم لأن
يعبدوا ما لا يؤمنون به، وأن يتلقوا فعليًأ الجسد الإلهي لقديس القديسين، في حينهم لا يزالوا مقتنعينأنهم لا يأكلون إلا خبزً ا
عليهم ان يعلنوه.ذلك كان الإرهاب العام الذي ولّده العنف.من التعذيب إلى فرض تغيير الدين، ومن ثم إلى المناولة، لم
يكن هناك مسافة أكثر من24ساعة.وكان معذبيهم هم شهودهم ومن قادهم إلى الإيمان.ومن، فيما بعد،كان يشعر أنه بدّل
إيمانهبشيء من الراحة، لم يتأخر، بعد أن هربعلى نكران عودته عن دينه.
كل الأساقفة إلى حد ّ كبيركانوا مشاركن في هذه الممارسة العنيفة والرذيلة.كثير منهم أجبرواعلى فعل ذلك؛ العدد الغالب
منهم وجهوا المعذبين، وأجبروا حالات التحوّ ل [من البروتستانتية إلى الكاثوليكية]، وإجبار هؤلاء على المشاركة في
الأسرار الإلهيةمن أجل تضخيم أعداد من غزوهم، وكانوا يرسلونهذه الحالات إلى المحكمة من أجل الحصول على
المزيد من المكاسب والجوائز.
أما الممسكين بأمور الولايات فكانوا يساندونهم، هم وتنانينهم،وكانوايرسلون اللوائح إلى المحاكم من أجل التصديق عليها.
والعدد القليل جدًا من الحكام والعمداء العامين للولايات المتواجدين، والعددي القليل جدًا من الأسياد المقيم عندهم،والذي كان
لديهم الإمكاناتلم يكونوا يترددواأخذ التصديقات من الأساقفة عندما كانوا يستطيعون إلى لك سبيلاً .
وكان الملك يحصل من كل الأطراف على آخرالمستجدات والتفاصيلالمتعلقة بهذه الاضطهادات وحالات التحوّ ل إلى الكاثوليكية.
وكان يعد هؤلاء المتحولون بالآلاف الذين نكروا ديانتهم وقبلواالكاثوليكية: ألفان في هذا الموضع، وستة آلاف في الموضع الآخر،
كلهم مع بعضهم وفي المكانوالزمان نفسه. وكان الملك يهنئ نفسهعلىقدرتهوعلى تقواه. وكان يظن نفسه أنه في زمن التبشير
الرسولي، وكان ينسب إلى نفسه كل شرف هذا الأمر.وكان الأساقفة يكتبون له التقديرات، واليسوعيونكانوا يحركونكراسيهم
ومرسليهم. كل فرنسا كانت مليئة إرهابًا واضطرابًا، وكأنها لم تشهد هذا الكم منالانتصارات ومنالسعادةومن الابتهالاتفي
زمنها.لم يكن الملك يشك في صدقية هذه الحشود المتحولة إلى الكاثوليكية.وكان من يقوم بذلكيقصد أن يقنع الملك بذلك وبتطويبه
مسبقًا.كانوا يشربون هذا السم بجرعات كبيرة. لم يظن أبدًاأنه بهذا الكبر أمام الرجال، ولا أكثرقربًا من اللهأكان في التعويض عن
خطاياهأما في التعويض عن فضائح حياته.لم يكن ينتظر إلا المدائح، في حين أن الكاثوليكيين الجيدين والحقيقيين كانوا يبكون من
كل قلبهملما يروهمن أناس مستقيمي الإيمان، بخلاف الهراطقات، يقلدون ما قام به الطغاة الهراطقةوالوثنيين ضد الحقيقة، وضد
الشهداء.فهم لا يمكنهمأن يتصالحوا ضخامة موجة الخيانة والتكفير.كان هؤلاء الكاثوليكيين الحقيقيين يبكون بمرارةواقع أن
تطغىهذه الأساليب على الديانة الحقيقية، في حين أنجيراننا كانوا يفرحونلإضعاف الفرنسيين وتدميرهم لبلدهم، وكانوا
يستفيدون من جنوننا، ويبنون مشاريعحاقدةكانوا يستمدونها من القوى البروتستانتية.