وصف لثلاث فسيفساءات شمال إفريقيِّة حيث تجسِّد كلٌّ منها موضوع التقدمة
تُعتبر فسيفساءات إفريقيا الشماليَّة مصدرًا أثريًا عالي الاهميَّة. فالصور تجسّد مواضيع عديدة ترتبط بجذور وأذواق الرومان الذين يعيشون في هذه المنطقة، أو بجذور وأذواق الأفارقة الذين اعتمدوا ممارسات وتقاليد وعادات الغازي الروماني. ضمن هذا الإطار، إنَّ موضوع التقدمة للآلهة ليس مكرَّرًا لكن يوجد بعض الأمثلة التي توضحه.
الفسيفساء التي تجسّد التضحية التي قدَّمها ديان لأبولون، موقع قرطاجة (تونس)
هي تجسّد صيد طائر الكركي المألوف أو الشائع. وهي تعود للقرن الرابع، أي أواخر العصور القديمة. إذًا تجسد الفسيفساء لوحة للصيد، في وسطها تمثال لأبولون[1] وبصحبته شقيقته ديان[2] ، إلهة الصيد. كلاهما موجودان داخل بناء مثلث الأنماط[3] ، مسبوق بمذبح. على يمين الحرم (يسار الفسيفساء) صيَّادون محاطون بهالة التقديس متشابهو الملابس والحركات واقفون بصفّ واحد يقدّمون تقدمتهم على المذبح: طير الكركي المألوف الذي يعطي إسمه للرصيف. في المخيال الإغريقي، فإنَّ الكركي المألوف هو أحد أجمل أصناف الطيور، ما يعطي التقدمة قيمة ثمينة جدًا. على جانبي مركز الفسيفساء حيث يتمُّ تجسيد التقوى، لوحات أخرى تسمح لنا بمتابعة مسيرة الصيادين منذ بداية رحلتهم مع خدامهم وحتَّى صراعهم مع النمور، مُرورًا بملاحقتهم لطرائد (كالخنازير البريَّة والأيائل والأسود). في الأسفل نرى كيف أنَّ الفرسان يحاولون إدخال أسد في قفص حيث يضعون حملًا صغيرًا لجذب الأسد إلى داخل القفص.
الفسيفساء من موقع الحصاد شرشال (الجزائر)
إنَّ الفسيفساء المُكتشفة في شيرشيل تُجسّد كروم العنب حيث تصطفُّ عناقيد العنب مع الأوراق بشكل لصيق جدًا. وعلى أطراف اللوحة نجد مناظر تُجسّد قطف العنب، وملء السلل، ونقل العنب إلى المعصرة حيث ستُعصر وتُخمَّر. إمَّا التعبير الطقسي فنجده في المرحلة التي تمثّل التضحية بكبش حيث يُسلخ جلده ويُقدَّم كتقدمة على شرف ديونوسيوس.