العلوم والأديان في القرنين التاسع عشر والعشرين

مقدمة

لقد تمّ عرض النزاعات الرئيسية وأشكال التسوية المتعلقة بنظريات تشارلز داروين[1] في فرنسا والمملكة المتحدة في الفصل السابق. ويتناول الأب ألكسندر تورند جزءاً منها عندما كتب أنّ داروين يعترف بالله الخالق ويجاهر بقبوله بخلود الروح. والبرهان على ذلك، كما يقول الراهب اليسوعي، يبرز في المسألة التي طرحها حولما إذا كان الإنسان البدائي قد فكر في الوجود الإلهي. ويقول: "من البديهي أن يتساءل الذي ينظر في التطور البيولوجي البشري للحالة الحيوانية عن كيفية التوفيق بين وجهة النظر هذه وخلود الروح. ولكن ما هي الضرورة أن نعرف في أي لحظةٍ من الحياة تصبح الروح خالدة وإذا كان هذا الأمر يحدث قبل الولادة أو بعدها؟". وبحسب ألكسندر تورند، لا يستطيع الإنسان أن يحدّد زمن التطور البشري من مرحلة إلى أخرى. ويستخلص من ذلك أنّ عدة ظواهر في حياة الأشخاص من الصعب تفسير أسرارها وأنّ العقل لا يستطيع تقدير علاقتها بتأثير القوة الأولية العمياء. ويستنتج أيضاً أنّ "الخالق" له دوره في مختلف مراحل حياة الإنسان وأنّ "العلي القدير" هو الذي يعطي النفس البشرية الخلود، ولو لم يعلم البشري في أي حقبةٍ من حياته يتلقى الطفل "الروح الخالدة". ويستنتج كذلك أنّ داروين، في نهاية حياته، يؤكد على إيمانه بوجود الله وبخلود الروح وأنه لا يميل إلى مذهب الماديين. وإذا توسع في عرض وجهة نظره حول تحوّل الأجناس وتقدمها، اكتفى بالقول إنّ الإنسان يتحدر من فصيلة القرود. وفي ما يلي، عرضٌ للإجابات حول الاعتراضات الرئيسية على "الداروينيين" التي تبرز خصوصاً خلال قراءة موجهة لمؤلفات إيرنست هيكل[2]Ernest) Haeckel).

  1. تشارلز داروين (Charles Darwin)

    (1809-1882) ولد في عائلةٍ ورثت تقليداً علمياً وصناعيّاً. ودرسَ الطبّ لفترةٍ في جامعة إدنبرة قبل أن ينتقل إلى دراسة الإنسانيّات في جامعة كامبردج. وأبحر على متنِ مركبٍ ملكيّ "بيغل" بهدفِ القيام برحلةٍ حول العالم (1831-1836). وظهر "في الميدان" مضاعفًا الملاحظات والمجموعات الطبيعيّة وتابع قراءاته العلميّة في مكتبة فيسو (vaisseau). وعند عودتِهِ، نشر أعماله العلميّة الأولى وأدخل منذ سنة 1837 أفكاراً حول " تحوُّل" الأنواع. وبعد فترةٍ طويلةٍ من النضج، نشر سنة 1859 كتاب l'origine des especes au moyen de la selection naturelle ( أيّ أصل الأنواع عن طريق الانتقاء الطبيعي) .وترجِمَ هذا الكتاب بشكلٍ سريع إلى عدّة لغات. وتفرض هذه النظريّة تدريجيًّا مبدأ التطوّريّة على الأوساط العلميّة، بينما تتسبب الآلية التي اقترحها داروين وهي الانتقاء الطبيعي بنقاشات. وتسبب هذا الكتاب بجدالاتٍ كبرى في المجتمع المدنيّ.

  2. إرنست هيكل (Ernest Haeckel) (١٨٣٤-١٩١٩)

    عالم بالحيوانات من أصلٍ ألماني وتلميذ جوزف مولر (J.Muller) الذي بعد أن درس الطب والعلوم الطبيعية في برلين وفورتسبورغ وفيينا ونال أطروحة الدكتوراه في الطب عام ١٨٥٧، انجذب إلى علمي التشريح المقارن والأجنة المقارن. وبعد أن عُيّن أستاذ علم التشريح في مدينة ينا الألمانية، سافر هيكل في السنة التالية إلى صقلية ونشر عام ١٨٦٢ أفرودةً حول الشعاعيات التي أتت فيما بعد، بعد رحلاته إلى مصر وإفريقيا الشمالية وسيلان وأعمالاً حول السحاريات عام ١٨٦٩ والوحدانات أو المونيرا عام ١٨٧٠ والاسفنجيات الجيرية عام ١٨٧٢ وإلى ما هنالك. ومن هذه الأعمال، استخلص نظرية الجاسترولا وهي مرحلة متوسطة بين الحيوانات الأولية (الأحادية الخلايا) والخلويات (المتعددة الخلايا). وهو أحد الناشرين/المعممين الرئيسيين للنظريات التطورية "الداروينيات" في ألمانيا وأوروبا بالإضافة إلى عمله Natürlichen Schöpfungsgeschichte (التاريخ الطبيعي للخلق عام ١٨٦٨) و Anthropogenie عام ١٨٧٤. وهو أيضاً مطور فلسفة الأحادية التي قد يشبهها البعض إلى المادية.

السابقالسابقالتالي التالي 
استقبالاستقبالطبع طبع  التنسيق العام: دو مينيك آفون، أستاذ في جامعة ماين (فرنسا) إسناد - غير تجاري - غير قابل للتغيير تم إنجازه بسيناري Scenari (نافذة جديدة)