مقطع من “كتاب الشھداء” لجون فوكس

حیاة واستشھاد ویلیام تیندال
سوف نقوم الآن باستعادة تاریخ الشھید ویلیام تیندال، الذي، حتى ولم یذوق طعم الموت في اتكلترا، یجب أن یوضع في مصاف
شھداء بلادنا، والذي یمكن، بسبب حماستھ الكبیرة، وإصراره على الحقیقة، أن ینُظر إلیھ على انھ رسول. ولد على ضفاف بلاد
الغال وتلقى تعلیمھ في حامعة اوكسفورد. استقر فیما بعد في كامبریدج ومن ثم في غلاوسیسترشایر حیث وظفھ أحد الفرسان
المسمى بوالش، كمعلم لأولاده. وكان یلتقي عادة على طاولة ھذا الفارس عددًا من الأباء والعمداء وھناك كان یحدثھم تیندال عن
الرجال المتقدمین بالعلم – بشكل خاص لوثر وإیراسم – وفي عدد من المسائل التي لھا علاقة بالكتابات المقدسة. بعد وقت،
حصل أن مستشار الأسقف دعا عددًا من الكھنة – ومن بینھم تیندال – للظھور. خاف ھذا الأخیر من أن یكون ھناك مؤامرة قد
حیكت ضده؛ وفي الطریق طلب من لله بقوة لكي یساعده لیكون قادرًا على الشھادة للحقیقة. وقد استطاع المستشار أن یؤذیھ
بشكل كبیر، ولكن بما أنھم لم یستطیعوا أن یثبتوا علیھ أي شيء، استطاع تبندال النفاذ من بین ایدیھم.
لیس بعیدًا من ھنا كان یعیش دكتور إسمھ مونموث والذي كان لدیھ معرفة قدیمة بتیندال. لھ فتح تیندال قلبھ. بعد وقت قال لھ
الدكتور: “ألا تعلم ان البابا ھو ذاتھ الأنتي-مسیح الذي تتكلم عنھ الكتابات المقدسة؟ لكن علیك ان تنتبھ لما تقول، لأنھ إذا علم احد
بأفكارك فإن ھذا یمكن أن یؤدي إلى فقدانك لحیاتك. لقد كنت واحدًا من موظفیھ، لكنني تخلیت عنھ وأنا أتحداه واعمالھ. بعد وقت
التقى تیندال بأحد اللاھوتیین وتناقش معھ وقد ذھب بالنقاش بعیدًا لدرجة ان الدكتور قال الشتائم التالیة: “لھو أفضل لنا أن نعیش
من دون قوانین لله على ان نعیش وفق قوانین البابا”. تیندال الملیئ حماسة دینیة یجیب: “أنا أتحدى البابا وكل قوانینھ”، وأضاف
إذا كان لله یعفیھ قبل سنین لكان ابن الفلاح یعرف أكثر بالكتابات المقدسة منھ.
وبسبب تضایقھ من الكھنة ترك تبندال خدمة مستر والش، واتى إلى لندن حیث استدعاه الأسقف تونستال؛ لكن لله الذي یقود كل
شيء بإرادتھ الإلھیة، رأى ان ھذا المسعى لیس لخیر تیندال ولا لخیر الكنیسة، وبالنتیجة لم یستطع تیندال التوافق مع الأسقف.
فبقي في لندن قرابة العام، وھو مصعوق من جھل وتكبرّ وتصنعّ الإكلیروس بشكل أنھ لم یجد لھ مكاناً لا في قصر الأسقف حیث
ترجم العھد الجدید، ولا حتى في كل أنكلترا. فذھب إذًا إلى ألمانیا، ومن ثم إلى البلاد المنخفضة حیث استقر في إنفر. بعد أن
انتھى من جزء من الترجمة، ذھب ألي ھامبورغ بنیة نشره لكن الإرادة الإلھیة منعتھ من ذلك. إذ خلال سفره غرقت بھ السفینة
وفقد كل المخطوطات التي كانت بحوزتھ وفقد تقریباً كل ما یملك. لكن، وببطولة أخلاقیة حقیقیة ذھب إلى ھامبورغ وفي العام
1529 بدأ بعملھ الجدید برفقة السید كوفردل. عندما تمّ نشر العھد الجدید امتلأ الأساقفة الإنكلیز غضباً، ولم یھدأ لھم ساكناً حتى
دفعوا بالملك لاتخاذ اجراءات قاسیة بخصوص ھذه القضیة. وتمّ نشر إعلان بسلطة الملك تدین عمل تیندال. بالنتیجة، تم خیانة
تیندال في أنفر من قبل رجل إسمھ فیلیبس فاقتید إلى قصر فیلفورد على مسافة 18 ألف میل، حیث بقي في الإقامة الجبریة حتى
مماتھ. في النھایة، وبعد حوالي سنة ونصف على وجوده في قصر فیلفورد وبعد الكثیر من النقاشات تم إدانھ تیندال. وعندما تمّ
تعلیقھ على خشبة الحرق صرخ بأعلى صوتھ وبقوة: “یا رب أفتح عیني ملك انكلترا”. فتمّ إسكاتھ، وحرقھ لیصبح رمادًا. ھذا
كان یمثل قوة وعظمة ھذا الرجل الممتاز، الذي خلال سجنة استطاع ان یدفع بحارس سجنھ وابنتھ والعدید من الناس إلى اعتناق
البروتستانتیة. إن العدید ممن كانوا على علاقة معھ، إنھ لو لم یكن مسیحیاً جیدًا لما كانوا علموا یمن یجب ان یثقوا. على الرغم
من ذلك تمّ تسلیمھ من قبل ھؤلاء الكھنة الحدیثون ضحیة للجھل وللوسوسات.