لا الذكاء ولا القوة هما ذات طابع جنسي

في هذا المقطع الثالث المأخوذ من الرسالة التاسعة، تطرح غريمكه عددًا من الأمثلة )المأخوذة من التاريخ الأميركي
والإنكليزي خاصة( من أجل الدفاع عن فكرة ان النساء قادرات على الحكم تمامًا كالرجال، وانهن قادرات أيضًا
على إظاهر ذات الشجاعة. وتصل غريمكة إلى خلاصة مفادها ان القوة والذكاء ليسا ذات طابع جنسي، وبما هما من
كائنات معنوية فإن الرجال والنساء لهما الحقوق والواجبات ذاتها بشكل حاسم. أما الفوارق في الوظائف، فهي لا
بنتجية الطبيعة بل بنتيجة العامل الاجتماعي، هذا العامل الذي يمكن ان يكون موضع نقد ومساءلة.
خلال نضالنا من اجل الاستقلال، برهنت النساء في العديد من الحالات عن روحية تضحية مثالية لا تقل عن تلك التي
اظهرها الرجال. وكنّ يرفضن أي زينة، وكل حالات التأنق تمّ إهمالها. وكنّ بكل سعادة أيضًا يمتنعن عن أي ترف في
الطعام أو السلع.
إن التاريخ الإنكليزي يظهر أيضًا العديد من الأمثلة حول النساء اللواتي مارسن حقوقًا كان المجتمع يرفضها لهنّ . فبعد مسار
قضائي، تقرّر أن المراة غير المتزوجة لديها ملكية عقارية يمكنها ان تصوت لأعضاء البرلمان، ويمكننا القول ان السيدة
باكينغتون سمّت إثنين. والسيدة بروغتون كانت حارسة لسجن الحراس الشخصيين. وفي مرحلة أكثر قربًا، تمّ تسمية إمراة
حاكمة لبيت الإصلاح في سيلمسفورد، من خلال حكم المحكمة. وإبان حكم الملك جورج الثاني، تم اختيار الوزير
كرينكلويل من قبل غالبية نسائية. وفي العام 2211 ، كان مكتب الشامبلان الكبير يتضمن إمرأتين، وكذلك مكتب التاج في
البلاط الملكي تمّ إسناد إدارته لإمرأة. والشهيرة آن، كونيسة بامبروك، كانت مسؤولة عن الوظيفة الإرثية لشريف
ويستمورلند، وهي وظيفة شغلتها شخصيًا وكان مركزها في المحكمة إلى جانب القضاة.
ليس علي ان أذكر أيضًا بأسماء من مثل إيليزابث ملكة إنكلترا، أو ماري-تريز ملكة النمسا او كاثرين ملكة روسيا، أو
إيزابيل دو كاستيل لبرهنة أن النساء قادرات على أن يمتشقن مقاليد الحكم. إن التاريخ يؤكّد بشكل غير قابل للشك، ليس فقط
ان النساء مؤهلات للحكم تمامًا كالرجال، ولكن أيضًا لدينا شريحة أكبر من الملكات اللواتي حكمن بشكل أفضل من الملوك،
نساء كان لديهنّ من قوة الشخصية ما أعطاهنّ شهرة واسعة جدًا.
انا لا أذكر هذه النساء إلا للتأكيد على ان الذكاء ليس جنسي الطابع، وأن قوة الشخصية ليست أيضًا جنسية الطابع، وأن
مفاهيمنا حول واجبات كل من الرجال والنساء، وحول دوائر كل من الرجال والنشاء ليس نابعًا إلا من آراء عشوائية،
تفاوتت بحسب الوقت والبلد، وهي لا ترتبط بأي شكل من الأشكال إلا بإرادة وحكم ناس عاديين.
كوننا أشخاصًا معنويين ومسؤولين، إن النساء والرجال لديهم دائرة الحركة ذاتها. وهم أعطوا ذات الواجبات. لا يمكن لأحد
ان يشك بأن واجبات كل منهما يتفاوت بحسب الظروف، وأن أمًا أو أبًا، زوجًا او زوجة، هم كلهم خاضعون للواجبات
المقدسة، هذه الواجبات التي تختلف عن هؤلاء الذين لا اولاد أو لا ازواج لهم. إن هذه الواجبات والمسؤوليات لا تتأثر إذا ما
كنا نساءً او رجالًا، بل بكوننا أهلًا، ازواجًا أو زوجات.
المرجع: ساره غريمكه، رساله حول المساواة بين الجنسين ) 2282 (، ترجمة وتعليق ميشال غراندجان، جنيفا، لابور فيدي،
ستظهر قريبًا.