ن الأمیر بشیر في ھو السیدإلى قرب عكا، ً الیوم على الجبل بكاملھ الممتد من بلاد عكار وصولاكما على سھل البقاع،
وجزء منجبل الأنتي-لبنان وجبل الشیخ.والبقاع،مع ھدیة من100ألف قطعة نقدیة، قد أعطیت لھ في العام1810، من
قبل باشا عكا سلیمان، وذلك لمساعدتھضد یوسف باشا دمشق.وھو یدفع من أجل المحافظة على البلاد بكاملھا،530قطعة
نقدیة، منھا یعود130قطعة لطرابلس، وأربع مائةلصیدا أو عكا.وھذا أمر استثنائي بناء على طلب الباشوات،والذین
ارتفعت طلباتھم أكثر من300قطعة نقدیة.وھذا المجموع من المال یدفعمن مال المیري وھي ضریبة یقوم الأمیر شخصیًا
بتحصیلھا من دون أیة محاسبة لھ.إن قوة الأمیر،ھينوع من الظلال، أما السلطة الحقیقیة فإنما ھي بید الزعیم الدرزي،
الشیخ بشیر1
.ھنا علي أن أشرح قلیلا ً الوضع السیاسي في الجبل.
لقد مر ّ حوالي المئة العشرین عامًا منذ أن تم إسناد حكم جبل لبنانمن قبل باشوات عكا ودمشق إلى أفراد من عائلة شھاب،
التي ینتمي إلیھا الأمیر بشیر.وھذه العائلة إنما یعود نسبھا إلى مكة، حیث إسمھا ھو معروف، في تاریخ محمد والخلفاء
ألأولین.والشھابیون مسلمون، وبعضھم یدعي أنھ ینتمي إلى فئة الشرفاء.وفي زمن الحملات الصلیبیة، لأنني لم أستطع أن
أحدد المرحلة بدقة، ترك الشھابیون الحجاز، واستوطنوا فيأحد قرى منطقة حوران، حیث أعطي لھمالإسم1F
2
.وھو المكان
الذي لا یزال یطلق علیھ إسم الشھبة.وھو یتمیّز بآثاره، والتي قد وصفت بعضھا في مجلتي بعد أن قمت ُ بجولة في حوران.
وكون العائلة من النبلاء،أو من أصول أمیریة، فقد تم ّ اعتبار أشخاصھا على أنھم حكام الجبل؛ لأنھ كان من الضروري أن
لایكونحاكمالجبلبید الدروز.وولطالما كان الدروز منقسمین فیما بینھم على الأساس الحزبي،وإن تم ّ اختیار حاكم من
بینھم فإنھ سیور ّ ط البلاد في صراعاتحزبھ، وإنھ سیكون دومًا مدفوعًا لإبادة خصومھ؛ في حین أن تركي، من خلال
الإدارة الحذرة لكل من الحزبین، كان یحافظ على شيء من التوازن فیما بینھما،ولكنھ كان عاجز ً ا على دعم واحد منھم
بشكل كامل.ھو یمكنھ أن یقوم بوضع السكان المسیحیین بوجھ الدروز، الذین ھم أقل عددًا من المسیحیین،ولكن رغم ذلك
یبقى عاجزًا عن یبقي البلاد في حالة من الطمأنینة وفي حالة خضوع للباشوات.ھذه السیاسة كانتناحة لوقت طویل، مع
الأخذ بعین الاعتبار الطبیعة المتمردة لسكان الجبلإضافة إلى الصراعات الحزبیة والمشاریع الطموحة لعدد من الزعماء،
أكان من ناحیة الدروز أو من ناحیة العائلة الحاكمة؛ وقد كان الباشوات حریصین على أن لا یصبح أي منھقویًا بما فیھ
الكفایة، لھذا كان یتم تغییر الأمراء من العائلة الحاكمة بشكلسریع، وكان یتم إحیاء الروح الحزبیة كلما كانت مصلحة الباب
العالي تقتضي ذلك.قبل80عامًا، كانت البلاد منقسمة ما بین حزبین كبیرین، الحزب القیسي ذات العلم الأحمر، والحزب
الیمني ذات العلم الأبیض، وكان السكان المسیحیین ینضمون إما إلى ھذا الحزب وإما إلى ذاك.وقد استطاع الحزب الیمني
أن یفرض سیطرتھ وتفوقھ على الحب الیمني الذي صار منسیًا مع الوقت.ثم ظھرت3جماعات وھم الجنبلاطیة والیزبكیة
والنكدیة.وھي لا تزال موجودة حتى الیوم.قبل30عامًا كان الحزبین الأولین متعادلین، لكن الیوم فإن الجنبلاطیینصار
لھم الید العلیا، واستطاعوا أن یضعفوا كل من الیزبكیین والنكدیین.
الجنبلاطیون ذات أصولمن جبل الدروزفيالجبل الأعلى، وھو یقع ما بین اللاذقیة وحلب.وھم عائلة
قدیمة ونبیلة، وفي القرن السابع عشر،كان أحد أسلافھم والیًا على حلب.وھي الیوم تشكل العائلة الأكثر ثراء ً وعددًا ما بین
العائلات الأقوى في الجبل.
الیزبكیین، أو كما یطلق علیھم آل عماد، ھم قلیلو العدد، لكن معروف عن رجالھم أنھم شجعان ومقدامون.
مسكنھم الأساسي ھو في منطقة الباروك، ما بین دیر القمروزحلة.
1
إسم بشیر كان یطلق على العدید من أھل الجبل. 2
البعض من أفراد العائلةیقول أنھ مكث لفترة في أحد مناطق بلاد ما بین النھرین وأنھم كانوا تحت حكم أحد الأمراء المدعو قاسم.
أما آل نكد،حیث أن شیخھم الحالي إسمھ سلیمان، فھم یسكنون بجزئھم الأكبر في دیر القمر، وقد تم قتل سبعة
من زعمائھمقبل13سنة في سراي الأمیر بشیر، وعدد قلیل من أولادھم تم إنقاذه من المجزرة.وقد أصبح ھؤلاء الأولاد
الیوم رجالاً ، وھم یمكثون في دیر القمر،یراقبھم كل من الجنبلاطیین والعمادیین، الذین ھم متحدون ضدھم.
الجنبلاطیون الآن یسیطرون على كل شيء بید من حدید، زعیمھم، وھو الشیخ بشیر ھو الأكثر غنى والأقوىفي الجبل؛
إضافة إلى ممتلكاتھ الشخصیة، والتي ھي معتبرة جدًا،لا یمكن إتمام أي أمر من دون العودة إلیھ، ومن دون أخذ مصلحتھ
بعین الاعتبار، وغالبًا ما یدفع لھ عند إجراء أیة معاملة.إن مدخولھ السنوي لا یقل عن الألفي قطعة نقدیة، أو50ألف جنیھ
سترلیني.كل منطقة الشوف ھي تحت أمرتھ، وھو في شراكة مع كل الدروز الذین یملكون أراضي ھناك.والجزء الكبیر
من منطقة جزین ھيملكھ الخاص، وھو لا یسمح لأحد بامتلاك شيء في تلك المنطقة،وفي الوقت عینھ فإنھ یزید من
أملاكھ كل سنة، ولھذا فھوّیزید من قوتھ بشكل مستمر.والأمیر بشیر لا یمكنھ أن یقوم بأي أمر مھم من دون موافقة الشیخ
بشیر، الذي علیھ أن یتشارك وإیاه كل ّ الضرائب التي یجنبھا منالجبلیین.لھذا السبب نجد أن قسمًا من الجبل خاضع
لضریبةثقیلة، وفي قسم آخر یدفع القلیل.إن الدروز الذین ینتمون إلى الفئات الأكثر غنى من السكان، ولكنھم یساھمون في
القلیل من مساھمات السكان، وھؤلاء یتم حمایتھم من الشیخ بشیر.
ھنا قد یُطرح السؤال،لماذا لا یجلس الشیخ مكان الأمیر بشیر ویأخذ السلطة ظاھریًا ویجعلھا بین یدیھ؟بعض الناي یقول
أنھ یخطط لھذا الأمر، في حین أن البعض الآخر وھو الأكثر اطلاعًا، یؤكد أن الشیخ لن یحاول ذلك بتاتًا،لأنھ یعلم أن أھل
الجبل لن یقبلوا أبدًا بحكم شیخ درزي.إن الدروز ھمفي موقع أفضل بالتأكیدفي وضعھم الحالي،وھو واضع سیكون
أفضل من سیناریو أن یصبح الشیخ بشیر ھو الحاكم، ذلك أنھ سیتحول إلى الاستبداد بھم بدل حمایتھمكما یفعل الآن.أما
المسیحیین، الذین ھم محاربون جیدون،فھم یكرھون إسم الدروز بشكل كبیرفكیف سیركنون إلى حاكم منبینھم.ومن
المرجح أن الأمیر بشیر أراد من مسألة اعتناقھ الدین المسیحيسرًاإلىجذب المسیحیین إلیھ بحیث یستطیعأن یجعلھم
یقفون ضد الدروز.وعلى الرغممن أنھم لا یزالون یتظاھرون باعتناقھم الدین المسلم، ویجاھرون بصیام رمضان،
والباشاواتلا یزالون یعاملونھم على أنھم أتراك، ولكن مما لا شك فیھ، أن القسم الكبیر من آل شھاب،وعلى رأسھم الأمیر
بشیر، قد اعتنقوا حقًا المسیحیة:أما الجزء من العائلة الذین لا یزالون یحكمون فيمنطقتي راشیا وحاصبیا، فإنھم لا یزالون
على دین أسلافھم.
إضافة إلى ذلك، فقدأصبح سكان الجبل المسیحیین أكثر تعلقًا بأمیرھم،ذلك أن ظروفھم، بشكل عام، لمتصبح أفضل،ذلك
أن أمیرھم لا یجرؤ على أن یحكم بالعدل لمسیحي ضد درزي، لكن، وعلى الرغم من ذلك،فإن المسیحیین فرحین بأن یكون
الأمیر من دینھم.كما أن العدد الأكبر من خدامھ ومستشاریھ ومدبریھمع بعض الاستثناءات من الدیانة نفسھا.لیس ھناك
أكثر من40أو50شخصًا من حوالیھ من غیر المسیحیین.إذ واحدة من بنات الأمیر التي تزوجت من أحد الدروزالمنتمي
إلى عائلة أمیریة، لم یتم السماح لھا بالاحتفال بزفافھا إلا حین قام زوجھا باعتناق الدین المسیحي، وتلقیھ العماد، والأسرار.
إلى أي مدى آل شھاب صادقون في إیمانھم؟ ھذا أمر لا یمكنني أن أقرره.من المرجح أنھ إذا كانت مصلحتھم تقتضي ذلك،
فإنھم سیعودون إلى دیانة أسلافھم.
ومن أجل أن یقويسلطتھ، عمد الأمیر بشیر إلى التحالف بشكل وثیق مع باشا عكا، وبذلك یكون قدقطع مع سیاسةسلفھ،
الذي كان بشكل عام عدوًا مصممًا ضد الحكام الأتراك.كان ھذا التحالف مكلفًا جدًا للأمیر،غیر أنھ كان ضروریًا من أجل
أن یوازن تأثیر الشیخ بشیر في الجبل.ظاھریًا، كان یبدو أن الأمیر والشیخ ھم على أفضل العلاقات.إذ كان الشیخ یقوم
بزیارة الأمیر بشكل أسبوعي تقریبًا بمرافقةعدد قلیل من الفرسان، وكان یتلقى كل الترحیب الودي من الأمیر.وقد رأیتھ
في بیت الدین خلال إقامتي ھناك.أقامتھ المعتادة ھي في بلدة المختارة، وھي تبعد حوالي الثلاث ساعات عن بیت الدین.
ً
وھو بنى منزلاحسنًا، یحیط بھ بشكل معتاد حوالي المائتي رجل.أما مدبروه الموثوقون فھم من المسیحیین، حتى أن حماة
بین الحریم عنده من المسیحیین.لكن صدیقھ القریب إنما ھو الشیخ النجم، وھو درزي متعصّب، وھو واحد من بین العقال
الأكثر احترامًا.ویشتھر الشیخ بشیر بأنھ كریم،ویحميبإخلاص الناس الذي وضعوا أنفسھم تحت حمایتھ.أما الأمیر بشیر،
فعلى العكس من ذلك،معروف عنھ أنھ بخیل، لكن یمكن أن یكون ھذا الأمر نتیجة حتمیة لمداخیلھ المحدودة.
والأمیر بشیر ھو رجل محبّ ، إن كان یمكن القول أنھ ھناك صدیق لأمة أوروبیة، فإنھمن المؤكد أن الأمیر بشیر ھو
صدیق الإنكلیز.ھو یكتفي بان یبقى على الحیاد وذلك بحسب ما یفرضھ علیھ تحالفھ مع السیر سدني سمیث،وذلك حصل
عندما وصل ھذا الأخیر بأسطولھ إلى الساحل.مدخولھیناھز تقریبًا الأربع مئة قطعة نقدیة بما یعادل العشرة آلاف سترلیني.
وھذا بعدأنیحسم منھ المجموع الذي یجب أن یتم دفعھ لباشا عكا وللشیخ بشیر، وللعدیدالكبیر من العائلة الشھابیة.یبدو انھ
یفضل أن یستثمر أموالھ في البناء.وھو یحتفظ بحوالي الخمسین حصانًا، حیث أن حوالي الاثني عشر من ھذه الأحصنة ھي
من النوعیة الأولیة.متعتھ الأولى إنما ھي في ممارسة القوس والنشاب.وھو یعیش وفق شروط سیئة مع عائلتھ، حیث أن
العدید من الشھابیین یشكون أنھ یتجاھلھم.ذلك أن قسمًا كبیرًا منھم ھو فقیر، وسیصبح أكثر فقرً ا، حتى أنھم سیصلون إلى
وضعیة الفلاح،ذلك أن العادة عندھم أنھ عندما یبلغ الواد منھم الخامسة عشرة أو السادسة عشرة من العمر، فإنھ یحق لھ
المطالبة بحصتھ من أملاك والده، التي یتم تقسیمھا فیما بینھم، غیر أن الأب یفضل في أغلب الأحیان أن یحصر المیراث
بواحد من بینھم.لھذا فإن عددًا كبیرً ا من أمراء العائلة الشھابیة قد اضمحل مدخولھ لیصبح حواليالخمسین جنیھًا في السنة.
وقد كانت أحد مبتغیات الأمیر السریة أن یصبح مرتبطًا بشكل مباشر بالباب العالي بما یحرره من الباشاوات، لكنھ لم
یستطعحتى الیوم أن ینجح في ھذا المسعى.
إن تصرّ ف أحمد باشا الجزار كان السبب في ھذه السیاسة التي اتبعھا الأمیر بشیر.فالجزار، ولأسباب قد تم شرحھا سابقًا،
كان یغیّر بشكل مستمر ّ حكام الجبل، وكان كل ّ حاكم مجبر على أن یعدهبمبلغ كبیر من المال من أجل أن یصبح ھو الحاكم.
وعند موت الجزار دفع عدد قلیل من ھذه الأموال، وقد وجدتفواتیر في خزنتھ تناھز الستین ألف قطعة نقدیة یجب أن تدفع
من مال الجبل.وقد تم ّ حسم مبلغ من ھذه الفواتیر بوساطة من سلیمان باشا، الذي خلف الجزار في ولایة عكا، وغریب
أفندي، مستشار الباب العالي، والذي أصبح الیوم والیًا لحلب، لتصبح أربعة آلاف قطعة نقدیة،والتي یجب على الأمیر بشیر
الآن أن یدفعھا سنویًا.