الهجرات الدينية

مقدمة

ترك المنفى بصمات على المدى الطويل في المجتمعات العابرة أو استقرار اللاجئين : فبعض الجماعات تتميز بأسماء العائلة الخاصة بها وباثار مادية ورمزية. عدة وسائل مختلفة ضرورية لاعطاء فكرة شاملة عن ظاهرة التصورات المتناقلة من جيل الى جيل. أول ما يفكر الباحث به : الوثائق القانونية وكتب التاريخ والكتب المدرسية والمقالات, ولكن هذه الوسائل ليست كافية لأنها غالبا ما تكون صامتة على احد الجوانب. بفضل الجهود المبذولة لتجاوز السياق الخاص الذي يكتبون فيه المؤرخين، يرون صعوبة مهمتهم... لأنه وعلى وجه التحديد بعض هذه المواد تشكلت من خلال اعمال أسلافهم. ومع ذلك لا يمكن للذاكرة الجماعية أن تحتوي فقط على عناصر مكتوبة. يجب بالطبع تقديم التصورات المنتشرة من قبل النخب للجمهور وتلك التي يقدمها الجمهور نفسه.

المهمة معقدة, خاصة أن الإنسان لا يعمل بطريقة ميكانيكية. في حالة الطرد، الشعور بالخوف من مجموعة أخرى والموجود منذ عدة قرون يظهر في الحالات المدروسة الأربعة. وغالبا ما يقوم على كلمتين: "التعصب الديني" (وينسب إلى المسلمين المورسكيين أو الى الكاثوليك الأيرلنديين من قبل أولئك الذين يصدونهم على سبيل المثال) و "التواطؤ مع الأجنبي" (سواء كان هذا الاجنبي "فرنسيا" أو" ألمانيا" أو" تركيا"). في حالة الاستقبال يكون أيضا الشعور بعدم الارتياح واضحا جدا : مثل شعور سكان جنيف من المسيحيون الفرنسيون (huguenots) أو المصريين من الشوام. والميزة هنا هي أن بما أن الجماعة لا تسعى تلقائيا لإعطاء صورة سلبية عن نفسها فالعلاقة بين الظالم / المظلوم تفوق علاقة المضيف المزعج / المضيف المحرج.

بشكل عام، منذ القرن السادس عشر ، ساهم البروتستانتيون في نشر تاريخ العنف ضد الأقليات الدينية من قبل الدول الكاثوليكية. ونشروا كتبا عن تاريخ شهدائهم والأكثر شهرة هم كتاب (سنكسار بروتستانتي)Martyrologe protestant لجان كريسبان (Jean Crespin) الذي نشر في جنيف عام 1554، وأيضا كتاب الشهداء للبروتستانتي جونLivre des martyrs du protestant John لجون فوكس (John Foxe) (1565). واهتم المؤرخون البروتستانت بوقت مبكر بمحاكم التفتيش الاسبانية. الكويكر (quaker) الأمريكي هنري شارلز لي (Henry Charles Lea) نشر عام 1906-1907 كتاب تاريخ من أربع أجزاء عن محاكم التفتيش الاسبانية (History of the Inquisition of Spain). وقد نشر الكاهن الكاثوليكي الأفرنكيسادو (afrancesado أي مؤيد للفرنسيين) والمفتش الأسبق خوان أنطونيو لورينتي (Juan Antonio Llorente) في باريس كتاب تاريخ نقدي لمحاكم التفتيش الاسبانية (Histoire critique de l'Inquisition espagnole) عام 1817-1818. روجت خلاصة هذه الاعمال بشكل واسع من خلال الوسائل الإلكترونية وتمّ انابتها من قبل أبحاث أخرى كتبت في كثير من الأحيان بهدف اثارة الجدال والاخبار عن المسلمين واليهود والبروتستانت والكاثوليك. ان المواضيع المدروسة في الفصول التالية سوف تمكننا من تقديم صورة واضحة خالية من أي التزام أو تعاطف.

السابقالسابقالتالي التالي 
استقبالاستقبالطبع طبع  المنسق العام : دومينيك آفون، أستاذ محاضر في جامعة لو مان في فرنسا إسناد - غير تجاري - غير قابل للتغيير تم إنجازه بسيناري Scenari (نافذة جديدة)